2011-09-26


فضل البيت الحرام


أردت نشر هذه الرسالة حتى نستشعر فضل البيت الحرام وعظمة هذا المكان وتفضيل الله تعالى له فقد اختاره بيتًا له في هذا الموضع وأكثر ما هزّ  حنيني حينما قال "فهو صفوتي من البيوت ولست أسكنه وليس
ينبغي لي أن أسكن البيوت، ولا ينبغي لها أن تسعني..."
سبحانه جلَّ شانه وعظمت قدرته..
في "أخبار مكة "للأزرقي" قال: إنَّ آدم عليه الصلاة والسَّلام لمَّا هبط إلى الأرض استوحش فيها لِمَا رأى من سعتها ولم يرَ فيها أحدًا غيره قال: ربِّ أمَا لأرضك هذه عامِرٌ يسبحك فيها ويقدسك كثيرًا؟
قال: إني سأجعلُ من ذريتك من يسبح بحمدي، ويقدس لي، وسأجعل فيها بيوتًا ترُفع لذكري، ويسبحني فيها خلقي، وسأُريك فيها بيتًا، أختاره لنفسي وأختصه بكرامتي وأؤثره على بُيُوت الأرض كلها باسمي فأسميه بيتي وأنطقه بعظمتي وأحوزه بحرماتي.
وأجعله أحق بيوت الأرض كلها وأولاها بذكري وأضعه في البقعة التي اخترت لنفسي.. فإني اخترت مكانه يوم خلقت السموات والأرض.. وقبل ذلك كان بُغيتي، فهو صفوتي من البيوت، ولست أسكنه وليس ينبغي لي أن أسكن البيوت، ولا ينبغي لها أن تسعني، ولكن على كرسي الكبرياء والجبروت، وهو الذي استقل بعزتي وعليه وضعت عظمتي وجلالي، وهناك استقر قراري، ثم بعد هو ضعيف عني لولا قوتي، ثم أنا بعد ذلك ملءُ كل شيء.. وفوق كل شيء.. ومع كل شيء.. ومحيط بكل شيء.. وأمام كل شيء.. وخلف كل شيء، ليس ينبغي لشيء أن يعلم علمي، ولا يقدر قدرتي، ولا يبلغ كنه شأني، أجعل ذلك البيت لك، ولمن بعدك حرمًا آمنًا أحرم بحرماته، ما فوقه وما تحته فمن حرمه بحرمتي فقد حرم حُرُماتي، ومن أحله فقد أباح حُرُماتي، ومن أمَّن أهله فقد استوجب بذلك أماني، ومن أخافهم فقد أخفر لي ذمتي، ومن عظم شأنه عظم في عيني، ومن تهاون به صغر في عيني، لك ملك حيازة ما حواليه وبطن مكة خيرتي وحيازتي، وجيران بيتي وعُمَّارها وزوَّارها وفدي وأضيافي، في كنفي وأفنيتي، ضامنون عليَّ في ذمتي وجواري، فأجعله أول بيت وضع للناس، وأعمره بأهل السماء وأهل الأرض، يأتونه أفواجًا شُعثًا غُبرًا، على كل ضامر يأتين من كل فجٍ عميق، يعجون بالتكبير عجيجًا، ويرجون بالتلبية رجيجًا، وينتحبون بالبكاء نحيبًا، فمن اعتمره لا يريد غيره فقد زارني، ووفد إليَّ ونزل بي، ومن نزل بي فحقيق عليَّ أن أتحفه بكرامتي، وحق الكريم أن يكرم وفده وأضيافه، وأن يسعف كل واحد منهم بحاجته، تعمره يا آدم ما كنت حيًا ثم تعمره من بعدك الأمم والقرون والأنبياء أمة بعد أمة، وقرنًا بعد قرن، ونبيًا بعد نبي، حتى ينتهي ذلك إلى نبي من ولدك، وهو خاتم النبيين، فأجعله من عُمَّاره وسكانه، وحماته وولاته وسقاته، يكون أميني مادام حيًا، فإذا انقلب إليَّ وجدني قد دخرت من أجره وفضيلته ما يتمكن به القربة مني، والوسيلة إلي وأفضل المنازل في دار المقام، وأجعل ذلك البيت وذكره وشرفه ومجده وسناه ومكرمته لنبي من ولدك، يكون قبل هذا النبي وهو أبوه يقال له: إبراهيم، أرفع له قواعده، وأقضي عليه عمارته، وأبسط له سقايته وأريه حِلَّه وحرامه، وأعلمه مشاعره ومناسكه، وأجعله أمة واحدة، قانتًا بأمري، داعيًا إلى سبيلي، أجتبيه وأهديه إلى صراط مستقيم، أبتليه فيصبر، وأعافيه فيشكر، وينذر لي فَيَفي، ويَعِدُني فيُنجز، أستجيب له في ولده وذريته من بعده، وأشفعه فيهم، وأجعل أهل ذلك البيت حماته وولاته وسُقاته، وحُرَّاسه وحُجَّابه حتى يبتدعوا ويغيروا.."[1] 







[1] الأزرقي ، أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار، ج1 ، ص46-48 ، الجزيري ، الدرر الفرائد ، ج1 ، ص70- 72.

رسول الله المهدي

  رسول الله المهدي